نبذة تاريخية: مسيرة المجلس العربي للعلوم الاجتماعية من فكرة إلى حقيقة

انبثق المجلس العربي للعلوم الاجتماعية من عملية بحث ومشاورات وتخطيط شاملة تمت بإشراف لجنة توجيهية مؤلفة من مجموعة من الباحثين العرب البارزين. وقامت اللجنة التوجيهية على امتداد عامين (2006-2008) بدراسةالحاجة لتأسيس المجلس العربي للعلوم الاجتماعية وحددت أهدافه ووظائفه وميثاقه. وتمت المرحلة التحضيرية للمشروع بدعم سخي من مركز أبحاث التنمية الدولية الكندي ومن المكتب الإقليمي لمؤسسة فورد في القاهرة.

العمل التحضيري

اجتماع بيروت (نيسان/إبريل 2006):

بدأت المبادرة عبر شراكة غير رسمية بين مجلس أبحاث العلوم الاجتماعية (SSRC) في نيويورك، والمكتب الإقليمي لمجلس السكان الدولي بالقاهرة، والمكتب الإقليمي للدول العربية التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومركز أبحاث التنمية الدولية الكندي.

وقامت المؤسسات الأربع بعقد ورشة عمل إقليمية في بيروت يومي 11 و12 نيسان/إبريل 2006 لاستعراض وضع مؤسسات العلوم الاجتماعية وقدراتها في الشرق الأوسط. وناقش المشاركون التحديات التي تواجهها العلوم الاجتماعية في المنطقة وأوصوا بعقد اجتماع متابعة استناداً إلى بحث إضافي لدراسة الخيارات المتوفرة لتلبية تلك الاحتياجات. وقد قام مركز أبحاث التنمية الدولية الكندي بدعم البحث الإضافي حول هذا الموضوع خلال الجزء الأخير من عام 2006. (اضغط هنا للاطلاع على جدول الأعمال وقائمة المشاركين وملخص الاجتماع.) 

اجتماع دبي (تشرين الثاني/نوفمبر 2006):

عُرضت نتائج البحث الذي تم بدعم من مركز أبحاث التنمية الدولية الكندي خلال الاجتماع الإقليمي الثاني الذي عقد في دبي في 26-27 تشرين الثاني/نوفمبر 2006. وفي ذلك الوقت، انضم إلى الشركاء الأربعة الأصليين كل من كلية دبي للإدارة الحكومية، والمكتب الإقليمي لمؤسسة فورد بالقاهرة كشريكين في تنظيم الاجتماع. وحضر الاجتماع ممثلون عن المؤسسات الست المتعاونة وما يقارب 30 مشاركًا من المؤسسات البحثية. واستعرض المشاركون عدة دراسات تشخيصية تم إعدادها للاجتماع وطرحت جوانب النقص التي تعاني منها العلوم الاجتماعية في المنطقة العربية. وأكدالمشاركزنعلى الحاجة إلى إقامة مؤسسة إقليمية لدعم العلماء الاجتماعيين الأفراد والمؤسسات المعنية بالعلوم الاجتماعية في جميع أنحاء العالم العربي. ونتيجة لذلك، أقر المشاركون بالإجماع اقتراحًا بتأسيس مؤسسة جديدة اسمها المؤقت "المجلس العربي لأبحاث العلوم الاجتماعية". (وتم خلال الاجتماع اللاحق الذي عقد في القاهرة تغيير الاسم إلى "المجلس العربي للعلوم الاجتماعية".) (اضغط الرابط للاطلاع على جدول أعمال الاجتماع، وبعض الأوراق المقدمة، وقائمة بالمشاركين، وملخص الاجتماع.) 

وقام المشاركون في اجتماع دبي بالاتفاق على أن يصبحوا "الأعضاء مؤسسين للمؤسسة المقترحة". وقاموا بانتخاب لجنة توجيهية  للإشراف على الخطط لتأسيس المجلس. وطُلب من اللجنة أن ترفع تقريرًا للأعضاء المؤسسين خلال عامين. وعقدت اللجنة التوجيهية اجتماعها الأول في دبي فور انتهاء أعمال ورشة العمل الإقليمية، واتفق أعضاؤها على الالتقاء من جديد في بدايات عام 2007. 

اجتماع القاهرة (شباط/فبراير 2007):

عقد الاجتماع اللاحق في القاهرة في 19 شباط/فبراير 2007 حيث ناقشت اللجنة التوجيهية أهداف الهيئة المقترحة ووظائفها وطبيعتها. وقامت اللجنة بتأسيس ثلاثة فرق عمل لدراسة المتطلبات القانونية والتنظيمية والمالية لتأسيس المجلس العربي للعلوم الاجتماعية. (اضغط هنا للاطلاع على جدول أعمال الاجتماع وقائمة بالمشاركين.) 

وبعد اجتماع القاهرة، جرت صياغة مقترح تمويل وتم تقديمه إلى مركز أبحاث التنمية الدولية الكندي وإلى مؤسسة فورد. وتكفلت كلية دبي للإدارة الحكومية بمسؤولية تلقي التمويل والنهوض بمهمة إدارة مشروع التخطيط الجديد. وحالما تم تأمين التمويل في خريف عام 2007، جرى التكليف بإجراء عدة دراسات جديدة للخروج بخيارات متعددة كي تنظر فيها اللجنة التوجيهية. كما تم استحداث موقع جديد على شبكة الإنترنت استضافته وبنته وزودته بالنصوص اللازمة كلية دبي للإدارة الحكومية. 

اجتماع عمان (آذار/مارس 2008):

عقدت اللجنة التوجيهة اجتماعها التالي في عمان يومي 1 و2 آذار/مارس 2008 لدراسة الأبحاث القانونية والمؤسسية التي أعدها مستشارون، ولاستعراض المتطلبات المالية للمشروع. (اضغط هنا للاطلاع على جدول أعمال الاجتماع، وقائمة بالمشاركين.)

وعقدت اللجنة التوجيهية اجتماعًا مع مجموعة من المتخصصين في العلوم الاجتماعية في مؤسسات الأبحاث والجامعات الأردنية، وذلك في إطار جهودها للتواصل والبدء في بناء شبكة من المعنيين والمهتمين. (اضغط هنا للاطلاع على قائمة بالمشاركين والمداخلة العامة.) وتوصلت اللجنة خلال اجتماعها في عمان إلى إجماع بشأن العناصر الرئيسية للمجلس المقترح، ولكنها قررت أن تكلّف بإجراء أبحاث إضافية بشأن عدة قضايا معلقة تتصل بالهوية القانونية للهيئة الجديدة وبموقعها وهيكلها الإداري وإستراتيجيتها التمويلية. واتفقت اللجنة على مناقشة هذه القضايا خلال اجتماعها التالي. ووفقاً لمسؤوليتها برفع تقرير "للأعضاء المؤسسين" خلال عامين، قررت اللجنة أيضًا عقد اجتماع عام في وقت لاحق من تلك السنة لعرض الخطط لتأسيس المجلس العربي للعلوم الاجتماعية، ولنقل قيادة المبادرة إلى هيئة جديدة مؤسسة حسب التقاليد المعروفة.

اجتماع تونس (تموز/يوليو 2008):

عقدت اللجنة التوجيهية اجتماعها الأخير في تونس يومي 8 و9 تموز/يوليو 2008، واستضافه مركز المرأة العربية للتدريب والأبحاث. واستعرضت اللجنة خلال هذا الاجتماع سلسلة من الدراسات القانونية بما فيها مسودة النظام الأساسي للمجلس العربي للعلوم الاجتماعية. وتوصلت إلى إجماع بشأن القضايا المعلقة من الاجتماعات السابقة، بما فيها رسالة المجلس العربي للعلوم الاجتماعية وأهدافه ونظامه الأساسي وعضويته وهيكليته وبرنامج عمله ونشاطاته الرئيسية ومقره وميزانيته. وبعد ذلك، قررت اللجنة تنفيذ الخطة لعقد اجتماع جمعية عمومية في القاهرة في يومي 17 و18 كانون الأول/ديسمبر 2008 بغية تأسيس المجلس وتسليم زمام قيادة المؤسسة الجديدة إلى مجلس أمناء منتخب حسب التقاليد المعروفة. كما تقرر أن أنسب مكان لمقر المجلس هو في العاصمة اللبنانية، بيروت، استناداً إلى الدراسات القانونية. وتم وضع برنامج زمني وتقسيم العمل، وتعهد الأعضاء بالقيام بمهمات مختلفة مثل إعداد أوراق مفاهيمية أساسية لمجموعات العمل المحتملة، واستحداث قائمة بالمرشحين لمجلس الأمناء، وصياغة بيان حول رسالة المجلس، ووضع مسودة نهائية للنظام الأساسي للمجلس لعرضها أمام الجمعية العمومية. (اضغط هنا للاطلاع على قائمة بالمشاركين وجدول الأعمال.)

وبعد اختتام أعمال الاجتماع، عُقد اجتماع تشاوري مع مجموعة من علماء الاجتماع من تونس والمغرب والجزائر وليبيا، وذلك في إطار الجهود الجارية لبناء شبكة من المعنيين والمهتمين، ولنشر المعلومات عن المشروع. (اضغط هنا للاطلاع على قائمة بالمشاركين.)

إطلاق المجلس العربي للعلوم الاجتماعية

اجتماع القاهرة (كانون الأول/ديسمبر 2008):

عقد اجتماع في القاهرة يومي 17 و18 كانون الأول/ديسمبر 2008 وحضره تسعة وأربعون مشاركًا إضافة إلى سبعة من أعضاء اللجنة التوجيهية التسعة، ومستشارون وممثلون عن مركز أبحاث التنمية الدولية الكندي ومؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم (MBRF) ومؤسسة فورد (اضغط هنا للاطلاع على قائمة بالمشاركين وجدول الأعمال والكلمة الافتتاحية.). كما شارك في الاجتماع الأشخاص الذين حضروا الاجتماعات التشاورية التي جرت خلال السنتين السابقتين، إضافة إلى مشاركين جدد تمت دعوتهم بسبب مكانتهم في العلوم الاجتماعية ولضمان تمثيل التخصصات والتمثيل الجغرافي. وتقرر اعتبار المشاركين كجمعية عمومية لإطلاق المجلس العربي للعلوم الاجتماعية، والمصادقة على بيان رسالة المجلس ونظامه الأساسي، انتخاب مجلس أمناء. وجرت نقاشات موسعة بشأن النظام الأساسي، لا سيما بخصوص انتخاب مجلس الأمناء، إلى أن تم التوصل إلى اتفاق على اتباع طريقة الإجماع أو التصويت برفع الأيدي في انتخابات المجلس. وتمت المصادقة على نظام المجلس الأساسي ورسالته خلال الجلسة الأخيرة للاجتماع. وفيما بعد، ولتحقيق الانسجام مع القانون اللبناني، تم اختصار النظام الأساسي وإعداد نظام داخلي بمساعدة محامي المجلس في لبنان.

ومن بين التغييرات المهمة التي أجرتها الجمعية العمومية للمقترحات المقدمة من قبل اللجنة التوجيهية اتخاذ قرار بوجوب انتخاب جميع أعضاء مجلس الأمناء الذين يبلغ عددهم 13 عضوًا، وعدم تضمن مجلس الأمناء أي أعضاء مختارين، أو أي ممثلين عن الجهات المانحة. ولكن تمت الموافقة على أن يضم أول مجلس أمناء أعضاء من اللجنة التوجيهية الحالية بغية ضمان الاستمرارية. وسيشغل هؤلاء الأعضاء منصبهم لمدة عامين فقط. (وهؤلاء الأعضاء هم أحمد جلال، وإيلين كتّاب، وكريم مقدسي، وستناي شامي.) وتم بقديم الترشيحات وجرت التثنية عليها من قبل الحاضرين. (وبلغ عدد المرشحين 15 مرشحًا ومرشحة.) وإثر ذلك، جرت عملية اقتراع سري بإشراف لجنة الانتخاب التي ضمت أعضاء من الحاضرين. (اضغط هنا للاطلاع على تقرير لجنة الانتخاب.)

وقام الاجتماع بمعظمه بالتركيز على المواضيع المحتملة التي ستتناولها مجموعات العمل التي سيتم تشكيلها، وذلك بغية إطلاق أنشطة المجلس العربي للعلوم الاجتماعية. وتم تقديم الأوراق الأساسية الأولية التالية للمناقشة: ورقة قدمها راجي أسعد حول النوع الاجتماعي والفرص الاقتصادية (التعقيب: رحمة بورقية)؛ ورقة قدمتها بسمة قضماني حول السلام والنزاع والأمن (عرضها وناقشها مصطفى كامل السيد)؛ ورقة قدمتها منى أباظة حول سياسات الثقافة (التعقيب: عبد الكريم برغوثي)؛ ورقة قدمتها ربى صالح حول الهجرة (التعقيب: إدريس مغراوي)؛ وورقة قدمتها مونيا بناني-شريبي حول الشباب (عرضتها إيمان فرج؛ وعقبت عليها هانيا شلقامي). (اضغط هنا للاطلاع على ملخص الأوراق.) ونجح مؤلفو ومقدمو الأوراق بدرجات متفاوتة بتقديم آخر ما تم التوصل إليه في الموضوعات المطروحة. كما قاموابرسم خريطة عامة للمشهد الأكاديمي العربي في ما يخص الموضوعات التي تناولوها، وأسهبوا في وصف مجالات البحث المستقبلي حول تلك الموضوعات.

وفي نهاية اليوم الثاني للاجتماع، جرى اختتام أعمال الجمعية العمومية بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات والمصادقة على بيان رسالة المجلس ونظامه الأساسي. وعقد مجلس الأمناء الجديد اجتماعه الأول فور انتهاء أعمال الجمعية العمومية. وشارك في الاجتماع خلال نصف الساعة الأولى أعضاء اللجنة التوجيهية المنتهية ولايتها الذين قدموا نصحهم وتوجيهاتهم استنادًا إلى العمل الذي تم إنجازه خلال العامين السابقين. ووافق مجلس الأمناء على تعيين ستناي شامي رئيسة مؤقتة للمجلس، واستعرض الخطوات التالية المطلوبة. وتوزع الأعضاء على فرق عمل متنوعة. وتم الاتفاق على ضرورة عقد الاجتماع الأول لجميع أعضاء مجلس الأمناء بأقرب فرصة ممكنة وبحلول نهاية شباط/فبراير أو بداية آذار/مارس.

التأسيس

كخطوة أولى، توصل مجلس الأمناء إلى اتفاقية مع شبكة المنظمات غير الحكومية العربية للتنمية ومقرها بيروت، لكي تستضيف هذه الأخيرة المجلس العربي للعلوم الاجتماعية، وهي فرصة ممتازة للمجلس لبناء قاعدة له ولتوطيد نفسه. وقامت شبكة المنظمات غير الحكومية العربية للتنمية بتوفير حيز ومرافق وخدمات مالية وموظفين متخصصين مما ساعد المجلس العربي للعلوم الاجتماعية على وضع اللمسات النهائية على آلياته التشغيلية وعملياته. كما أدى هذا التعاون مع الشبكة منذ البداية إلى إقامة روابط ما بين تشجيع العلوم الاجتماعية الذي ينهض به المجلس مع جهود الشبكة لتعزيز المجتمع المدني والحوار العام والشفافية في الحوكمة. 

وفي كانون الثاني/يناير 2010، طلب مجلس الأمناء من ستناي شامي أن تضطلع بدور مديرة مؤسِسة للمجلس العربي للعلوم الاجتماعية، مما اقتضى استقالتها من مجلس الأمناء. وقام مجلس الأمناء باختيار الدكتورة رحمة بورقية لرئاسته.

واجهت عملية تسجيل المجلس العربي للعلوم الاجتماعية بعض التأخير، ولكن في 6 تشرين الأول/أكتوبر 2010 أصدر مجلس الوزراء اللبناني مرسوماً رسمياً بالموافقة على تأسيس المجلس العربي للعلوم الاجتماعية كمنظمة غير ربحية إقليمية تتخذ من بيروت مقرًا لها. وأصدر مجلس الأمناء بيانًا صحفيًا لتوجيه الشكر إلى الحكومة اللبنانية ووزارة الداخلية على إصدار المرسوم. وقاد عملية التسجيل باقتدار السيد محمد فريد مطر من مكتب الشرق للمحاماة في بيروت. وتبع المرسوم إفادة صادرة عن وزارة الداخلية في 9 آذار/مارس 2011. ومنذ تسجيله رسمياً في بيروت، استعان المجلس العربي للعلوم الاجتماعية باستشارات قانونية من مكتب سليمان سليمان للمحاماة.

وبسبب التأخيرات غير المتوقعة في التسجيل القانوني، إضافة إلى عملية الحصول على التمويل الكافي، اضطر مجلس الأمناء إلى تمديد فترة عضوية الأعضاء الذين عملوا أصلًا في اللجنة التوجيهية، وتم انتخابهم لمدة عامين فقط حتى ربيع عام 2012.

ومنذ ذلك الوقت، عقد مجلس الأمناء اجتماعات لتأسيس المجلس العربي للعلوم الاجتماعية، وتفعيل رسالته، ومناقشة تمويله، واستدامة نشاطاته. إضافة إلى ذلك، ما انفك مجلس الأمناء يعمل على إيجاد مدير ومدير مشارك للمجلس العربي للعلوم الاجتماعية، ويخطط لعقد اجتماع الجمعية العمومية المقبل.